JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

التوعية الوطنية من خلال جريدة الشهاب 3

 ب – دور الشهاب في القضاء على السياسة الاستعمارية



1 – محاربة التجنس

عمل المصلحون على محاربة ظاهرة التجنس بمختلف الدروس والمحاضرات، من خلال صحفهم ومقالاتهم الداعية لضرورة التمسك بالهوية الوطنية، حيث عرفت جريدة "الشهاب" التجنس بنه هو الدخول في جنسية جديدة، وهي جنسية العنصر الغالب والاندماج فيها، مع التنازل عن القومية واللغة ونبذ التاريخ والتقاليد، وقبول ما يتبع ذلك التجنس والاندماج من أخلاق جديدة، ولغة جديدة، وعقلية جديدة[1].

وجاء في "الشهاب" أن: «قانون السينانوس تونسولت الشهير المعلن يوم 14 جويلية 1865م، حيث هذا القانون يعتبر المسلم الجزائري فرنسيا، مع استمراره خاضعا لأحكام القانون الإسلامي، إنما يمكنه أن يتمتع بالحقوق الفرنسية إذا خرج من أحكام القانون الإسلامي، وجرت عليه الأحكام المدنية والسياسية الفرنسية»

حيث ترى جريدة "الشهاب" أنه «لا يوجد مبرر منطقي معقول لترك المسلم الجزائري محروما من حقوقه المدنية الفرنسية، من أجل محافظته على أحكام دينه في الأحوال الشخصية، بينما يمكنه التمتع بالحقوق الفرنسية إذا خرج عن أحكام القانون الإسلامي، وجرت عليه اتلأحكام المدنية والسياسة الفرنسية»[2]

ثم يفتح باب التساؤل بقوله: «إن الأحكام المدنية والسياسية الفرنسية تجري اليوم كلها على مسلمي الجزائر ما عدا الأحوال الشخصية وحدها، التي بقيت تابعة للقانون الإسلامي، فهل يكفي ذلك لحرمان المسلمين الجزائريين من التمتع بكل الحقوق والحريات الفرنسية»[3]

وذكرت "الشهاب" أنه تم عقد اجتماع للمتجنسين في أوائل أفريل بالجزائر العاصمة، فكان من مطالبهم تسهيل التجنس على من يريده، ومعنى هذا أنهم يسعون لتكثير عددهم بما يطالبون من الحكومة من وسائل الإغراء والترغيب في التجنس.[4]

حيث قام ابن باديس بالرد على من تجنسوا بتصريح قائلا: «نحن أخذنا على أنفسنا أننا لا نعرض لهؤلاء السادة، ماداموا يعملون لمصالحهم وحقوقهم التي من أجلها تجنسوا ، أولا: لأن حكم رفض الأحكام الشرعية، ولو حكما قطعيا واحدا، وما يقتضيه من ارتداد عن الإسلام وخروج منه، معلوم عند الناس بالضرورة، وثانيا: لأنهم اختاروا – مع هذا العلم – ما اختاروا لأنفسهم، فكان علينا أن ندعهم وما اختاروا، إذ لا إكراه في الدين، غير أننا لا نستجيز السكوت عنهم، إذا رأينا منهم دعاية لتوسيع نطاق التجنس، إذ في ذلك محاولة إضعاف الإسلام باختطاف الضعاف من بينه، ومجاوزة لحدود النظر لأنفسهم بالإغراء لغيرهم»[5]

ويضيف ابن باديس أيضا مقلا يبرز فيه ضرورة المحافظة على الشخصية الجزائرية العربية الإسلامية بعنوان: الجنسية القومية والجنسية السياسية: «تختلف الشعوب بمقوماتها ومميزاتها، كما تختلف الأفراد، ولا بقاء لشعب إلا ببقاء مقوماته ومميزاته، كالشأن في الأفراد، فالجنسية القومية هي مجموع تلك المميزات والمقومات، وهذه المقومات والمميزات هي اللغة التي يعرب بها ويتأدب بآدابها، والعقيدة التي يبني حياته على أساسها، والذكريات التاريخية التي يعيش عليها وينظر لمستقبله من خلالها، والشعور المشترك بينه وبين من يشاركه في هذه المقومات والمميزات »[6]

وبين كذلك مكانة المتجنسين بقوله: «أما الشعب الأوروبي والإدارة الفرنسية قد ذكرت أنها مع المتجنسين، ولكن الظروف بينت عكس ذلك، حيث قسمت – بكيفية رسمية – الأمة إلى ثلاثة أقسام، حسب جريدة أنديبيش الفرنسية عدد 26 أوت 1936، إلى مرتبة أولى الأوروبيون، وثانية الأهالي، والأخيرة المتجنسون، فالمسألة واضحة، فالمتجنسون ليسوا بفرنسيين وليسوا بأهالي، فهم حينئذ متجنسون لا غير، فهم عبارة عن أشخاص لا قيمة لهم، وبعبارة أخرى، أقارب فقراء يمكثون بالموضع الأخير من الطاولة»[7]

موقف الشهاب من التجنس

حيث اقترحت "الشهاب" علة مجلس الأمة ومجلس الشيوخ الفرنسيين المصادقة على هذه القوانين لحل مشكلة التجنس وهي:

المادة الأولى: المسلمون الجزائريون فرنسيون، حسب الفصل الأول من "السيناتةس كونسولت" المؤرخ في 14 جويلية 1865 يتمتعون بسائر الحقوق والحريات الفرنسية، ويقومون بكل الواجبات والتكاليف.

المادة الثانية: يحتفظ المسلمون الجزائريون بأحكام القرآن التي ينفذها القضاة في مسائل الأحوال الشخصية.

المادة الثالثة: كل الأحكام والقوانين الاستثنائية التي تخص المسلمين الجزائريين عدا المنصوص عليها بهذا القانون تعتبر ملغاة ولا عمل بها، ابتداء من تاريخ صدور هذا القانون[8]

2 الاندماج

هو إلحاق الجزائر إداريا وسياسيا واقتصاديا وتعليميا بفرنسا، أي جعل الجزائر جزءا من فرنسا في الواقع وليس مستعمرة، وإلحاق الجزائريين بالفرنسيين عن طريق القوانين الفرنسية، حيث طالب بعض الجزائريين (النخبة) بمساواتهم مع الفرنسيين بواسطة الدمج الحضاري.[9]

وتتحدث جريدة "الشهاب" عن هذه القضية فتقول: ينقسم الدعاة إلى الاتصال إلى قسمين اثنين: دعاة الاتحاد ودعاة الاندماج، فيرمي أولئك إلى محافظة الجزائري على جنسه ولغته وجميع مقوماته، مع انضوائه مع أخيه الفرنسي تحت راية واحدة، في مواطن الحياة ومواطن الموت، ويرمي هؤلاء إلى طرح جميع مقوماته واندماجه في الجنس الفرنسوي، تلك سياسة الاتحاد، وهذه سياسة الاندماج، ولكل أنصار،[10]

حيث ترد جريدة "الشهاب" على هؤلاء أنصار الاندماج فتقول: إذا كنتم ترونه السبب الوحيد للرقي، فنبؤونا عن الأمة التي اندمجت فيها فرنسا وسائر أمم أوربا، حتى ارتفعت هذا الرقي، لعلكم إذا صدقتم التاريخ، تجيبون بأن أي أمة ارتفعت، فبجهود العظماء المخلصين من أبنائها، فإن كنتم عظماء مخلصين، فاعملوا لأمتكم بما يرقيها في دائرة دينها وقوميتها، فإن كنتم عاجزين عن ذلك، فدعونا من هذه الأفكار ... إن الاندماج قبر لا نشر بعده، فالعاملون بسياسته عاملون على انقراضنا والتحاقنا بالأمم البائدة، ولم يبق لنا وجود إلا في صفحات التاريخ، ولا من ذكر إلا بأقبح ما يذكر به المارقون من دينهم وقوميتهم، فلنطهر عقولنا من هذه الفكرة التي تقضي على وجودنا، وتلحق بنا سبه إلى الأبد.[11]

حيث أكدت صحيفة "الشهاب" بأن: «من يحلم بالاندماج ومن يعمل لتحقيقه في هذه البلاد، يحمل نفسية الجزائري، وغاب عن ذهنه أنه المثال الأعلى في الزن، بميزته من أن تندمج في غيرها وأن الطبيعة الغالبة عليه أنه المحافظ ... فنظرية الاندماج يصعب – بل يستحيل – تحقيقها، ومن الأسباب في ذلك الأثر العميق الخالد الذي أبقى الدين الإسلامي في نفس الجزائري، كما قدمنا، وهو عمل ثلاثة عشر قرنا ونصف، تنوء بمحو أثره جهود أجيال طوال»[12].

الهوامش والإحالات



[1] - الشهاب: المجلد السادس، الجزء الثالث، غرة ذي القعدة 1348هـ - أفريل 1930م، ص: 164.

[2] - الشهاب الحل النهائي: المجلد التاسع، الجزء الثالث عشر، غرة رجب 1352هـ - نوفمبر 1933م، ص: 552-553.

[3] - نفسه، ص: 554.

[4] - الشهاب: تسهيل التجنس، الجزء الخامس، المجلد العاشر، غرة محرم 1353هـ - أفريل 1934م، ص: 220.

[5] - الشهاب: تسهيل التجنس، المرجع نفسه، ص: 220.

[6] - الشهاب: الجنسية القومية والجنسية السياسية، الجزء الثاني عشر، المجلد الثاني عشر، ذو الحجة 1355هـ - فيفري 1937م، ص: 504.

[7] - الشهاب: المتجنسون المساكين، مرجع سابق، ص: 635.

[8] - الشهاب: الحل النهائي، مرجع سابق، ص: 554-555.

[9] - سعد الله أبو القاسم: تاريخ الجزائر الثقافي، ج9، ص: 8.

[10] - الشهاب: الاتحاد والاندماج، السياسة المنتجة والسياسة العميقة، السنة الثاثة، العدد 143، 28 شوال 1346هـ - 19 أفريل 1928م، ص: 56.

[11] - الشهاب: الاتحاد والاندماج، العدد 152، المجلد الرابع، السنة الرابعة، 3 محرم 1347هـ - 21 جويلية 1928م، ص: 855.

[12] - الشهاب: الاتحاد والاندماج، السياسة المنتجة، المرجع السابق، ص: 856.

author-img

تاريخ الجزائر الثقافي وآدابها

Kommentare
Keine Kommentare
Kommentar veröffentlichen
    NameE-MailNachricht