JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

التوعية الوطنية من خلال جريدة الشهاب 2

 2 – التوعية الاجتماعية والثقافية



أ – محاربة الآفات الاجتماعية

1 محاربة تعاطي الخمور:

عمل المصلحون بمختلف الأساليب من خلال المقالات الصحفية والخطب والدروس والمحاضرات للحد من تعاطي المشروبات الكحولية، وكل مسكر مذهب للعقل، وذلك للحفاظ على المجتمع الجزائري ومقوماته، حيث جاء في جريدة "الشهاب" بخصوص هذه الآفة: «إذا تأملنا الآفات الاجتماعية التي تفتك بالشعب الجزائري فتكا ذريعا، وجدنا أن أعظمها وأشدها افتراسا هو داء المسكرات التي توغلت في الأوساط العامة بين الشعب بصفة جعلت النجاة منه صعبة عسيرة»[1]

وأضاف متعجبا: «ما أكثر الشبان الذين سقطوا في حمأة رذيلة الخمر، وفي ولائم الأعراس وجمعية العرسان، وما كانت جمعية في عرس إلا وأم الخبائث شرط لازم فيها، والقليل من عصم الله»[2]، حيث أبرزت "الشها" مخاطر تعاطي المسكرات من الناحية الصحية والاجتماعية والدينية، فمن الناحية الصحية أكد الدكتور "محمد إبراهيم رضوان" من خلال محاضراته على أخطار الخمر «لا يغرنكم – أيها السادة – احمرار وجه السكير، وهذا لا عن صحة كاملة لا عن صفاء في الجسم والدم، وإنما هو ناتج عن انفعال الذات عند مخالطتها الكحول، مثل ما يحمر وجه المصفوح أو المخنوق في يد مخنقه، ذلك لأن المادة السامة تأخذ في تمديد الشرايين – كما قلنا – وأنابيب الدم في الوجه، وهذا ما يؤدي، بالطبع، إلى فقدان حرارة الجسم الداخلية بانتشارها في الفضاء، وبناء على ذلك، يكون تعاطي الكحول من عوامل إضاعة حرارة الجسم الضرورية»[3]

كما أنه يضعف القوة على مقاومة الأمراض، وذلك بأن كريات الدم البيضاء هو خط دفاعنا الأول ضد هجمات المكروبات، ويساعد هذه الكريات مفرزات خاصة من الغدة الدرقية والغدد الكلوية، فالكحول يضعف هاتين الغدتين، فتقل مفرزاتها وتضعف مقدرة الجسم على مقاومة المكروبات.[4]

أما من الناحية الاجتماعية، كتب الأستاذ عبد الرحمن الجيلالي مقالا في "الشهاب": «وللخمر مضار اجتماعية كثيرة، من مضراتها في التعامل وقوع النزاع والخصام بين السكارى بعضهم مع بعض، وبينهم وبين من يعاشرهم ويعاملهم، حتى يكون عداوة وبغضاء ... (ويضيف) ومن جرائم السكر أنه يغري بجميع الجرائم ويجري صاحبها عليها، ولذلك سميت أم الخبائث»[5].

أما من الناحية الدينية، فحرم الله تعالى هذه الآفة من خلال القرآن والأحاديث النبوية؛ حيث جاء في صحيح مسلم أن «طارق بن سويد سأل النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الخمر، فنهاه أو كره أن يصنعها، فقال طارق: إنني أصنعها للدواء، فقال سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – إنه ليس بدواء، ولكنه داء»[6]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ﴾[7]

ووضحت الشهاب الإصلاحات التي قام بها الاستعمار اتجاه هذه الآفة حيث ورد فيه: «قدم مسيو موريس فيوليت الوالي العام الأسبق عريضة قانون لمجلس الشيوخ الفرنسي فيها جملة من الإصلاحات التي يرى وجوب إدخالها سريعا على البلاد الجزائرية، ومن جملة هاته الإصلاحات أنه يقترح عدم السماح بفتح محلات بيع الخمور في كل بلاد "الكومين ميكست" أي البلديات الممتزجة بالقطر الجزائري، وهي الآهلة بنوع خاص بالعنصر الإسلامي، فحبذا لو أن مجلس الشيوخ ومجلس النواب يوقعان على الفصل المشار إليه من هذا القانون»[8]

2 محاربة البغاء

عالجت الشهاب موضوع البغاء وانتشاره في الجزائر خلال الفترة الاستعمارية، حيث وصفته بالنوع الساقط والمكروب الفتاك بالصحة والأخلاق، بإبراز مخاطره الصحية والاجتماعية، والمطالبة بضرورة القضاء عليه، حيث جاء في مقال: «إذا أخذنا هذا الموضوع من نواحي ما ينجم عنه من الفوائد ثبت جليا أن أعظم نتائجه محق أمراض السل والزهري المتفشية في كل أمة تهاونت في حسم مفاسد البغاء ثم القضاء على الإجرام أو تقليله على الأقل، وإصلاح النسل، حيث يكون الجسم ذا مناعة لا تتسرب إليه الأمراض»[9]، وعالجته أيضا من الجانب الديني بإبراز عاقبتها لقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾[10] أي طريق مؤد إلى شرور ومفاسد في الدنيا؛ كإفساد الأعراض وضياع الأموال وخراب البيوت وفساد المجتمع، وتذكير بعذاب الآخرة العظيم.

حيث أيدت "الشهاب" موقف الحكومة الفرنسية إزاء البغايا في الجزائر العاصمة، والتي عمدت إلى الضرب على أيدي البغايا، من خلال إصدارها أمرا يحضر عليهن غشيان الشوارع والأنهج المراد بها اصطياد الضحايا، وأمرها لجميع الفنادق منع أي عملية من هذا القبيل، وفرض على كل متهاون عقوبات صارمة بزجه في السجن وغرامة مالية[11].

فكانت نتيجة هذا الإجراء القضاء على رؤية الوجوه البشعاء الممسوخة بالمساحيق، وتلك المناظر المزرية الذي كان تعود العموم الاشمئزاز منها كل وقت وحين، وفي كل نهج، وفي كل نزل، حتى عاد المحتفظ بكرامته ومروءته لا يقدم على الإقامة بنزل إلا بعد أن يستوثق من أن النزل خلو من العهر، كما أمر "الشهاب "بمضاعفة الضرائب على هذا النوع المكدر، وتشديد الرقابة على الجميع، وإجراء التنويه في تطهير سائر الأحياء العربية والأوروبية دون ميز، وإيقاف هذا التيار الجارف أو عزله عن البلاد.[12]

يقول ابن باديس

العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والحكم يعم بعموم اللفظ كما أن ذكر سبب القتل في الآية لا يقتضي التخصيص لأنه ذكر لتصوير الحال الذي كانوا عليه، فالقتل حرام لأي سبب كان.

وهذا الفعل الذي كان في الجاهلية على الوجه المتقدم، وهو فعل مؤد إلى قطع النسل وخراب العمران، لا تسلم منه الأمم الأخرى في مختلف الأزمنة والبلدان، إما بالقتل بعد الولادة وإما بإفساد الحمل بعد التخليق، وهو حرام باتفاق. وقد يكون بالإمتناع من التزوج أو بعدم الإنزال في الفرج وهو العزل. والآية كما نهت عن القتل قد رغبت في النسل بذكر ضمان الرزق، فعلى المؤمن أن يسعى لذلك من طريقه المشروع وأن يتلقى ما يعطيه الله من نسل ابن أو بنت بفرح لنعمة الله وثقة برزق الله وإيمان بوعده.

 حفظ الفرج

﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾، في الزنا إراقة للنطفة وسفح لها في غير محلها، فلو كان منها ولد لكان مقطوع النسب مقطوع الصلة ساقط الحق. فمن تسبب في وجوده على هذه الحالة فكأنه قتله. ولهذا بعد ما نهى عن قتل الأولاد نهى عن الزنا الذي هو كقتلهم لأنه سبب لوجودهم غير مشروع. قال الجوهري: "قربته أقربه قربانا أي دنوت منه" فقوله تعالى:

﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾ أبلغ في النهي من ولا تزنوا، لأنه بمعنى ولا تدنوا من الزنا. وأفاد هذا تحريم الزنا وتحريم الدنو منه، لا بالقلب ولا بالجوارح، فقد جاء في الصحيح: "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة. العينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليدان زناهما البطش والرجل زناها الخطى والقلب يهوى ويتمنى. ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه". فزنا هذه الجوارح دنو من الزنا الحقيقي ومؤد إليه، وقد حمى الشرع الشريف العباد من هذه الفاحشة بما فرض من الحجاب الشرعي. وهو ستر الحرة ما عدا وجهها وكفيها وجمع ثيابها عند الخروج بالتجلبب، وبما حرم من تطيب المرأة وقعقعة حليها عند الخروج، وخلوتها بالأجنبي واختلاط النساء بالرجال، فتضامر النهي والتشريع على أبعاد الخلق عن هذه الرذيلة. والمسلم المسلم من تحرى مقتضى هذا النهي وهذا التشريع في الترك والإبتعاد

معالجة هذه الرذيلة بنقبيحها وسوء عاقبتها

بين تعالى قبحها بقوله: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً}. والفاحشة هي الرذيلة التي تجاوزت الحد في القبح، وعظم قبح الزنا مركوز في العقول من أصل الفطرة كان ولم يزل كذلك معروفاً. ومن رحمة الله تعالى بخلقه أن ركز في فطرهم إدراك أصول القبائح والمحاسن- ليسهل انقيادهم للشرع عندما تدعوهم الرسل إلى فعل المحاسن وترك القبائح وتأتيهم بما هو معروف في الحسن أو القبح لهم، فتبين لهم حكم الله فيه وما لهم من الثواب أو العقاب عليه.

وبيَّن تعالى سوء عاقبة الزنا بقوله: {وَسَاءَ سَبِيلًا} أي بئس طريقاً طريقه. طريق مؤد إلى شرور ومفاسد كثيرة في الدنيا، وعذاب عظيم في الآخرة، فهو طريق إلى هلاك الأبدان وفساد الأعراض، وضياع الأموال وخراب البيوت وانقطاع الأنساب وفساد المجتمع

وانقراضه زيادة على ما فيه من معنى القتل للنفوس الذي تقدم في صدر الكلام ...

فعلى المؤمن إذا وسوس له الشيطان بهذه الرذيلة أن يتعوذ بالله منه ويستحضر قبحها، والمفاسد التي تجر إليها، والإثم الكبير الذي يعقبها، وقبل ذلك كله حرمة النهي الشرعي عنها فيكون ذلك له - بإذن الله- وقاية منها.

الهوامش والإحالات


[1] - الشهاب: الخمر، المجلد السابع، غرة ربيع الأول 1350هـ - جويلية 1931م، ص: 525.

[2] - الشهاب: شاب ناهض يحارب الرذيلة ويدعو للفضيلة، السنة الثالثة، العدد 44، ذو القعدة 1346هـ - 26 أفريل 1928، ص: 893.

[3] الشهاب، الدكتور محمد إبراهيم رضوان: أخطار الخمر، الجزء السابع، المجلد التاسع، غرة صفر 1352هـ - جوان 1933م، ص: 350.

[4] الشهاب: المشروبات الروحية ومضارها، الجزء الثاني، المجلد الخامس، قسنطينة، غرة شوال 1338هـ - مارس 1929م، ص: 63.

[5] الشهاب، الأستاذ عبد الرحمن الجيلاني: ىأخطار الخمر، المرجع السابق، ص: 352-354.

[6] - الشهاب، الدكتور محمد إبراهيم رضوان: أخطار الخمر، المرجع السابق، ص: 351-352.

[7] - سورة المائدة: الآية: 91.

[8] - الشهاب: الخمر، المرجع السابق، ص: 525.

[9] - الشهاب: دور البغاء، السنة الرابعة، العدد 169، جمادى الأولى 1347هـ - 25 أكتوبر 1928م، ص: 383.

[10] - سورة الإسراء، الآية: 32.

[11] - عمار طالبي: آثار ابن باديس، ج1، المرجع السابق، ص: 255.

[12] - الشهاب: دور البغاء، المرجع السابق، ص: 384.

author-img

تاريخ الجزائر الثقافي وآدابها

Comments
No comments
Post a Comment
    NameEmailMessage