JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

رسائل أبي الفضل ابن محشرة 2

 تابع

يقول ابن محشرة: « ... وخلال ذلك  جُمع أشياخ  العرب وأعيانهم والمشار إليهم  من رؤسائهم ووجوههم وكبرائهم من جميع قبائل رياح – وفّقهم الله – فذكّروا بحقوق هذا  الأمر العظيم وآلائه الجزيلة ومننه الجسام، ونبّهوا على ما كان لسلفهم من العرب من كريم السّوابق في أوّل الإسلام، وأنّ الله قد وعد هذه الطّائفة المنصورة أن تملك العرب كما بشّر به المصطفى – عليه أفضل الصّلاة والسّلام، وحرّضوا على أن يكون لهم في نصر هذا الدّين ما كان لسلفهم القديم من الآثار الكرام ...»[1]

والملاحظ أنّها الرّسالة الوحيدة ضمن "رسائل ابن محشرة التي  نشرها  بروفنصال"  عن  الأمير  يوسف، فبعد  وفاته كتب أبو الفضل لابنه  الخليفة يعقوب  المنصور،  وهذا ما  يتّضح من  الرّسالة الموالية وهي الرّسالة السّابعة  والعشرون ضمن المجموع:

الرّسالة السّابعة والعشرون: 

عن الأمير يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن إلى الطّلبة والموحّدين والشّيوخ والأعيان والكافّة بغرناطة في 7 جمادى الأولى 580 يخبرهم ببيعته ويدعوهم إلى اشتراكهم فيها[2]. منها قوله: «ولمّا تحقّق منهم خلوص الضّمائر، واستواء البواطن والظّواهر، واستحكام النّيّات فيه والبصائر، أسعفوا بمطلوبهم، ومكّنوا من مرادهم ومحبوبهم، وأُحضروا لأخذ البيعة عليهم أفواجاً، وسلكوا من الطّاعة الصّادقة سبلاً فجاجاً، واقتفوا في ذلك من آثار هذا الأمر العظيم جوادّ قاصدة ومنهاجاً، وبادر الموحّدون وغيرهم - وفّق الله جميعهم – إلى البيعة وسارعوا، وترادف النّاس بعدهم وتتابعوا، وأعطى الجميع صفقة أيديهم بإخلاص من سرائرهم وبايعوا، والتزموا فروض البيعة بشروطها وقيودها، ووقفوا عند رسومها المعلومة وحدودها»[3]

وتعود أهمّيّة الرّسالة في تصحيح تاريخ وفاة الخليفة يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ، فقد ذكر "ابن عذارى" و"النّويريّ" و"ابن أبي زرع"، و"ابن الخطيب"، و"الزّركشيّ" أنّ وفاة الخليفة يوسف كانت يوم السّبت الثّاني عشر من شهر ربيع الأوّل، وصحب ابن محشرة الخليفة يوسف أثناء جهاده بمنطقة شنترين وكتب هذه الرّسالة في بيعة المنصور في السّابع من جمادى الأولى، أي بعد وفاة الخليفة يوسف بخمسين يوماً، وهو ما يؤكّد الخطأ الذي وقع فيه "المراكشيّ" صاحب "المعجب"، حيث ذكر أنّ الوفاة كانت في السّابع من شهر رجب، وعنه نقل ابن خلّكان.[4]

الرّسالة الثّامنة والعشرون: 

عن الأمير يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن إلى الطّلبة والموحّدين والشّيوخ والأعيان والكافّة بإشبيلية في عقب رمضان 580 يأمرهم بقطع شرب الرّبّ وبيعه ودفع زكاة الفطر للقاضي أبي المكارم ليوزّعها على الضّعفاء.[5] وهي من رسائل الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وكانت الرّسالة الجامعة لأنواع الأوامر و"رسالة الفصول" لأبي جعفر بن عطيّة نموذجاً لكتابة هذا النّوع من  الرّسائل، مع تغيير التّاريخ وأسماء الشّخصيّات، ويحتفظون بالشّكل، وهو من تنبّه له بروفنصال[6]

ومنها قوله: «فإنّ النّاس تجوّزوا في أمر الرُّبّ تجوّزاً أغفلوا فيه الاجتهاد، ورتعوا حول حماه رتعاً أوقعهم فيه أو كاد، وتسامحوا فيه تسامحاً خرق المتعارف من المأذون فيه والمعتاد، وحاول اتّخاذه وبيعه من لا يتوقّف على احترام، ولا يتخوّف بما يكتسب من آثام، ولا يقف عند قوله – عليه السّلام -: ما أسكر كثيره فملء الكفّ منه حرام، ولم يزل الاشتداد في هذا الأمر القائم بالحقّ، النّاظر في مصالح الخلق، يتناولهم بأبلغ الزّجر والقمع، والاحتساب أبداً يتخوّلهم بأتمّ القهر والمنع، والقتل في كلّ حين يأخذهم بأشدّ الكفّ والرّدع ... فإذا وافاكم كتابنا هذا بحول الله – عزّ وجلّ – فاقطعوه جملة وتفصيلاً، ولا توجدوا أحداً إلى بيعه سبيلاً، واشتدّوا في ذلك اشتداداً لا يوسع مستسمحاً فيه صُدوفاً عن هذا القصد الحميد ولا عدولاً، وأخلوا الحوانيت التي كان يباع فيها منه وأفقروها، وأصرفوها لغير ذلك من المباحات وصيّروها»[7].

الرّسالة التّاسعة والعشرون: 

عن الأمير يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن إلى الطّلبة والموحّدين والشّيوخ والأعيان والكافّة بإشبيلية في 5 ربيع الثّاني 581 يخبرهم بغزوة الموحّدين على عليّ بن غانية[8] وفتح مدينة بجاية[9].

الرّسالة الثّلاثون: 

عن الأمير يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن إلى الطّلبة والموحّدين والشّيوخ والأعيان والكافّة بمرّاكش في 18 شعبان 583 يخبرهم بهزيمة بني غانية بحمّة مطماطة وبفتح مدينة قابس[10]. فبعد خروج الميورقيّين من جزيرتهم، اتّجهوا إلى بجاية، فلمّا لحق بهم جيش الموحّدين بقيادة الطّلبة، فرّت عائلة الميورقي إلى إفريقية بتونس، واختارت المنطقة الصّحراويّة منزلاً لها، واعتدت على أهل تلك المنطقة، واستولت على زرعهم، وعندما وصل الموحّدون تمّ القضاء على بعض المتمرّدين، فاتّجه الباقون إل قابس، بينما اتّجه الجيش إلى القيروان ثمّ قابس، حيث نشبت المعركة التي انهزم فيها الميورقيّون والغزّ.[11]

الرّسالة الحادية والثّلاثون: 

عن الأمير يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن إلى الطّلبة والموحّدين والشّيوخ والأعيان والكافّة بتونس في 2 رمضان 583 يخبرهم بدخول أهل الجريد تحت طاعة الموحّدين وبحصار مدينة قفصة.[12] واستهلّ ابن  محشرة رسالته مذكّراً الموحّدين بانتصار جيشهم في مناطق إفريقية، واستيلائه على مدينة قابس ومغادرته إيّاها متّجهاً نحو المناطق الصّحراويّة بنواحي الجريد، التي تقع بمنطقة نائية لم تطأها أقدام الجيش الموحّديّ من قبل الانعدام الماء بها.

الرّسالة الثّانية والثّلاثون: 

عن الأمير يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن إلى الطّلبة والموحّدين والشّيوخ والأعيان والكافّة بمرّاكش في 13 ذي القعدة 583 يعرّفهم بفتح مدينة قفصة[13]. ولمّا تيقّن أهل قفصة من تمكّن الجيش الموحّديّ منهم طلبوا الأمان، وقفل الخليفة راجعاً إلى مرّاكش مصحوباً بمجموعة من الغزّ التّركمان.

الرّسالة الثّالثة والثّلاثون: 

عن الأمير يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن إلى الطّلبة والموحّدين والشّيوخ والأعيان والكافّة بمرّاكش في 10 ربيع الأوّل 584 يخبرهم برجوعه من إفريقية إلى المغرب الأقصى[14]. والملاحظ أنّ هذه الوثيقة التي جاءت لتحمل نتائج الرّحلة ونجاحها تحمل التّاريخ الدّقيق لاستيلاء الجيش الموحّديّ على بلاد المغرب الأدنى وعودة المجاهدين إلى مقرّهم بمراكش.

الرّسالة الرّابعة والثّلاثون: 

عن الأمير يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن إلى الطّلبة والموحّدين والشّيوخ والأعيان والكافّة بسبتة في 26 جمادى الآخرة 586 يخبرهم بغزوته بغرب الأندلس وأخذ بعض حصون من أيدي النّصارى.[15] فاستقرّ جند الموحّدين وإخوانهم العرب، واتّجه نحو جزيرة الأندلس دون أن ينتظر وصول الوفود التي لبّت نداء الجهاد، وأمر الخليفة طلبة سبتة أنّه عزم على الجهاد، لأنّ ملك قشتالة ألفونسو الثّامن بعث إليه كتاباً يطلب منه إبرام اتّفاقية سلم بينهما، وأنّه مستعدّ لمحاربة النّصارى في مقابل ذلك.

الهوامش والإحالات



[1] - بروفنصال، ص: 152.

[2] - بروفنصال، ص: 158 – 163.

[3] - بروفنصال، ص: 162.

[4] - خياري، أدب الرّسائل الدّيوانيّة، ص: 191.

[5] - بروفنصال، ص: 164 – 167.

[6] - خياري، أدب الرّسائل الدّيوانيّة، ص: 192.

[7] - بروفنصال، ص: 165 – 167.

[8] - يقول "ألفرد بل" إنّه في عام 541هـ، خلف الموحّدون المرابطين وانتهت الإمبراطوريّة التي أسّسها يوسف بن تاشفين بوفاة حفيده إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين، وفتح مراكش، وعندما عبر الموحّدون جبل طارق لغرض الجهاد عظم خطرهم، وبدأت الدّولة الجديدة تهدّد أمراء البليار، بقايا المرابطين بالأندلس، وعلى أمل التّحرّر من قيد الموحّدين، إلى جانب الحقد الذي يكنّه علي بن غانية لبني عبد المؤمن، دخل هذا الأمير في مواجهة مع الموحّدين، ونقل المعركة إلى المغرب الأوسط عن طريق البحر، فاستولى على بجاية، وكان آخر حكّام بني حمّاد يحمل في قلبه حقداً على الموحّدين الذين قضوا على دولته، ولكن بعد انتصارات قليلة اضطرّ ابن غانية للهروب إلى المغرب الأقصى، وتوفّي بها بعد ثلاث سنوات من الصّمود، وترك بعده أخاه قائداً لقوّاته (خياريّ، ص: 193)

[9] - بروفنصال، ص: 168 – 180.

[10] - بروفنصال، ص: 180 – 191. وقابس مدينة قديمة تقع في جنوب تونس لها حصن منيع، وتشتهر بزراعة  الموز، شبّهها ابن  سعيد المغربيّ بمدينة دمشق (الاستبصار، ص: 112-113).

[11] - خياري، أدب الرّسائل الدّيوانيّة، ص: 191.

[12] - بروفنصال، ص: 191 – 199.

[13] - بروفنصال، ص: 199 – 210.

[14] - بروفنصال، ص: 210 – 218.

[15] - بروفنصال، ص: 218 – 228.

author-img

تاريخ الجزائر الثقافي وآدابها

Kommentare
Keine Kommentare
Kommentar veröffentlichen
    NameE-MailNachricht