JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

التوعية الوطنية من خلال جريدة الشهاب 4

 تابع:



ويضيف ابن باديس: «إننا نحن فتشنا في صحف التاريخ، وفتشنا في الحالة الحاضرة، فوجدنا الأمة الجزائرية المسلمة متكونة موجودة، كما تكونت ووجدت كل أمم الدنيا، وهذه الأمة تاريخها الحافل بجلائل الأعمال ولها وحدتها الدينية واللغوية، ولها ثقافتها الخاصة، وعوائدها وأخلاقها ... ثم إن هذه الأمة الجزائرية الإسلامية ليست هي فرنسا، ولا يمكن أن تكون فرنسا، ولا نريد أن تكون فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا ولو أرادت»[1].

ويرى الميلي: «ونقول لأنصار الاندماج: إذا كنتم ترونه السبب الوحيد للرقي فنبئونا عن الأمة التي اندمجت فيها فرنسا، وسائر أمم أوربا، حتى ارتقت هذا الرقي، لعلكم إذا صدقتم التاريخ تجيبون بأن أي أمة ارتقت فبجهود العظماء المخلصين من أبنائها، فإن كنتم عظماء مخلصين فاعملوا لأمتكم بما يرقيها في دائرة دينها وقوميتها، وإن كنتم عاجزين عن ذلك فدعونا من هذه الأفكار التي لا تزيدنا إلا ذبذبة وشقاقا، ولنتربص حتى يمن الله علينا بعظيم مخلص يخدم الأمة في دائر دينها وقوميتها»

ويقول أيضا: «أن البقاء على هاته الحالة التي نحن متفقون على مقتها خير عندي من الاندماج؛ لأن حياة منحطة خير من ميتة شاذة عن ميتة الأمم، ولو أن المفكرين في صالح الجزائر والعاملين لتطهير عقولنا من الأوهام، يتفقون كلهم وهو ما لا يكون أبدا، على فكرة الاندماج لوقفت في صف دعاة الجمود ونصراء الخرافات والأوهام لأني أرى ذلك خيرا من الاندماج»[2]

ت – التمثيل النيابي

تعتبر جريدة "الشهاب" النيابة مهمة خطيرة لا يقوم بها حق القيام، ولا يحذقها إلا الفذ الماهر المشهود له بالمروءة في محلها، والصلابة في أوانها، وبالإخلاص في جميع الأوقات وجميع الأحوال، وجماع الأمر أن يتيقن النائب بأنه موفد لينوب عن بضعة ملايين، ويقوم مقامها، ويمثلها في رغائبها ومطالبها، وينشد حقوقها بدون هوادة ولا إعطاء مقادة[3]، وأما الكفاءات التي ينبغي أن يمتاز بها النائب – حسب جريدة الشهاب – تنحصر في أغراض:

1 – أن يكون عارفا باللغتين وبالأخص الفرنسية، التي هي لسان المجالس الرسمية، لأن هذا العصر عصر علم ومعرفة، فقوي الحجة بدونهما هو الضعيف.

2 – أن يكون ذا شجاعة أدبية ولهجة صادقة في حال بسط مطالب ناخبيه، وفي نقد أي أمر من الأمور التي يرى فائدة للبلاد في نقدها والتشنيع عليها.

3 – أن يقدم للهيئة الناخبة ما أنجزه من الأعمال مدى نيابته، وأن يعرض عليها برنامجه المراد السير عليه بصفة عملية.

4 – أن يكون متسلحا بخلق التضامن والتساند في كل مسألة وطنية ومصلحة عامة.

5 – أن يكون حرا طليقا من كل قيد، لا يمت هو ولا أسرته إلى الوظائف الحكومية بصلة ما حتى تسيطر على فكره رهبة من إنذارات السلطة، ولا رغبة في ترصيع صدره، أو صدور ذويه بوسامات يندر أن يحصل عليها الأهالي بالطرق التي ينالها بها الفرنسي الذي يتنزه عن استحقاق شيء من ذلك بطريق المساومة.

6 – أن يكون نزيها مستعينا بما عنده من ثروة وعفة.[4]

حيث أكد محمد بن رحال، - النائب المالي والنائب في مجلس عمالة وهران - في مقال - ضرورة التمثيل النيابي بقوله: «والسبيل الوحيد الذي يمكن به الدفاع عن حقوق الأهالي هو إعطاؤهم نوابا يدافعون عنهم، فيكونون أولئك النواب بالبرلمان إعانة معتبرة لزملائهم الفرنسيين، فبعكس أن يضعفوا سمعتهم فإنهم يزيدونها قوة واعتبارا، ويكون بهم للجزائر حظا وافرا عند أم الوطن، وبعكس أن تتشوش الحالة السياسية بوجودهم، فإنها تتحسن بمشاركتهم في الأعمال، وزد على ذلك، أن فكرة النيابة هذه تكون سببا في تهذيب الأفكار، وتسلم بها المطالب في المستقبل من الغلو والمبالغات، ويكون اتحاد الطرفين من النواب شيئا تفتخر به فرنسا، وتنال به الغبطة والتعظيم»[5]

وذكّرت جريدة "الشهاب" المترشحين بالتقيد بتأدية الأمانة الموكلة إليهم: «وليعلم كل أحد من المنتخبين أنه بتصويته على نائب قد وكله على خمسة ملايين من المسلمين، فإن أحسن الاختيار حسب جهده فقد أدى الأمانة، وبرئت ذمته وإن أساء الاختيار مندفعا مع أغراضه، فقد خان ذلك العدد العظيم من المسلمين خيانة كبرى، وباء بإثم عظيم، وإن كانت خيانة شخص واحد كبيرة عند الله، فكيف حال من خان خمسة ملايين»[6]

ووجهت "الشهاب" نداء للشعب الجزائري بحسن اختيار من ينوبه: «فعلى الشعب الذي مارس مهمة الانتخاب مدى عشر سنين أن ينفض عنه غبار الخمول، وأن يبحث عمن ينوبه من الأكفاء بحثا دقيقا، وأن يدرس حياة النواب العملية قبل الإقدام على تجديد انتخابهم درسا عميقا»[7]

وللتأكيد على هذا المطلب "التمثيل النيابي" سافر وفد من الجزائر إلى فرنسا، حيث جاء في الشهاب: «بارح الوفد يوم السبت 5 من شهر نوفمبر 1927م، فشرع الوفد الخدمة عند وصوله باريس، وقابل م. جان ميليا، وأخبره من القصد الذي جاء من أجله وهو النيابة بالبرلمان، أما في جانب "فيوليت"، فإن الوفد قد كان كتب على نفسه الدفاع عنه وبراءته من تشويش لأفكار الأهالي، الذي كان اتهم به والتصريح بأن محبة المسلمين وإخلاصهم نحوه قد كان نالها بسياسته المؤسسة على الإنصاف والعدالة، وموضوع الكلام بينهما أثناء مقابلتها لم يكن إلا عن النيابة»[8]

والتقى الوفد أيضا ب"ألبير سارو" وزير الداخلية الفرنسي الذي صرح «بأن تعطى النيابة للأهالي بمناسبة الأفراح التي تصير بالجزائر سنة 1930»[9]، غير أنهم تلقوا الرفض من المعمرين، حيث اقترح "ابن رحال" من خلال مقال بالشهاب: «فهذه هي الطريقة التي أود أن يختارها زملائي أعضاء مجلس العمالة، فما هي حقيقة الأمر؟ وهي إعطاء الرخصة لغير المتجنسين بالجنسية الفرنسية في انتخاب نواب عنهم عدد 12 في البرلمان، فهل هذا هو الأمر الذي ينزعج منه المستعمرون؟ وهل هذا هو الأمر الذي يدعو مستعمري "أم عسكر"،  "بسكرة" إلى أن يعترضوا بكل ما لديهم من الجد والقوة، وبصفتهم فرنسيين و"سيطويان" ضد إعطاء الحقوق للعامة، الحقوق التي امتاز بها أبناء الوطن "السيطويان"»[10]

رغم كل هذا، بلغ اليأس من فرنسا بخصوص التمثيل النيابي، حيث صرح ابن باديس: «أيتها الأمة العربية، أيها النواب الكرام، قرروا يوم 29 أوت، وبعد قرار المؤتمر وجمعيات النواب، عدم التعاون في النيابة بجميع أنواعها، قرروا ألا تعودوا بدون مساواة إليها، قرروا أنه يجب أن يكون كل مسلم جزائري بلغ سن الانتخاب منتخبا، وأن يكون عدد نواب المسلمين الجزائريين في كل مجلس مثل عدد الفرنسيين»[11]

الهوامش والإحالات



[1] - الشهاب: كلمة صريحة، المجلد الثاني عشر، الجزء الأول، قسنطينة، غرة محرم 1355هـ - أفريل 1936م، ص: 43-44.

[2] - الشهاب: الاتحاد والاندماج، المرجع السابق، ص: 859.

[3] - الشهاب: قانون الانتخاب، المجلد الرابع، السنة الرابعة، العدد 166، الخميس 20 ربيع الثاني 1347ه، - 4 أكتوبر 1928م، ص: 328/-330.

[4] - الشهاب: المرجع نفسه، ص: 329-330..

[5] - الشهاب: نيابتنا بالبرلمان، المجلد الثالث، السنة الثالثة، العدد 128، الخميس 5 رجب 1346هـ - 29 ديسمبر 1927م، ص: 550.

[6] - الشهاب: قانون الانتخاب، المرجع السابق، ص: 331.

[7] - الشهاب: قانون الانتخاب، المرجع نفسه، ص: 328.

[8] - الشهاب: بين أعمال وفد نوابنا بباريز، المجلد الثالث، السنة الثالثة، العدد 131، الخميس 24 رجب 1346هـ - 19 جانفي 1928م، ص: 606-607.

[9] - الشهاب: بيان أعمال وفد نوابنا بباريز، المرجع نفسه، ص: 607.

[10] - الشهاب: نوابنا بالبرلمان، المرجع السابق، ص: 547.

[11] - الشهاب: نداء إلى الأمة الجزائرية ونوابها، المجلد الثالث، السنة الثالثة، الجزء السابع، العدد 120، قسنطينة، رجب 1356هـ - 1937م، ص: 363.

author-img

تاريخ الجزائر الثقافي وآدابها

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    الاسمبريد إلكترونيرسالة