JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

محمد العيد آل خليفة المصلح الشاعر

ترجمته 



ولد محمد العيد بن محمد علي خليفة بعين البيضاء أم البواقي حاليا في 27 جمادى الأولى 1323ه الموافق ل 28 أوت 1904م[1]، وتتصل أسرته بقبيلة المحاميد والمعروفين بالمناصير قرب مدينة وادي سوف، حيث نشأ وسط أسرة عريقة في التدين، والمحافظة على التقاليد العربية الأصيلة، واستهل دراسته بقراءة القرآن الكريم إلى جانب دروس اللغة العربية الأصيلة، وأخذ قسطا وافرا من العلم على يد الشيخين أحمد بن ناجي ومحمد الكامل بن عزوز، وانتقل إلى بسكرة 1918م مواصلا تعليمه[2]، حتى سنة 1921م، حيث غادر بسكرة متوجها إلى تونس؛ حيث درس بجامع الزيتونة سنتين، بعدها عاد إلى بسكرة ليشارك في النهضة العلمية والصحفية، فشارك بقلمه في الإصلاح من خلال جريدة "صدى الصحراء"[3]، فكان يعتبر شاعر النهضة الفكرية في الجزائر وأمير شعرائها؛ إذ نهض بالأدب العربي في هذا الوطن المفدى، بعد أن كانت تبتلعه الموجة الفرنسية[4]، فمعظم قصائده الشعرية كانت تتعلق بالوطن والعقيدة والهوية.

وقد تناول قضايا الأمة بإحساس صادق وإيمان قوي يوقظها، فكان لشعره الأثر القوي في تحريك النفوس وتبصير الأمة بمخططات العدو، والاستعداد لمقاومته[5]، بالإضافة إلى شعره الإصلاحي الذي ظهر بظهور الفكر الإصلاحي الذي بدأ يتبلور قبيل الحرب العالمية الأولى، وبرز بشكل واضح بظهور جريدة "المنتقد"، و"الشهاب" كانت من أولى الصحف التي رفعت شعار الفكر الإصلاحي وأعلنت عن هويتها التي تتمثل في الرجوع إلى الماضي العريق فكرا وثقافة وتراثا[6]

ودرس سنة 1927م بمدرسة "الشبيبة الإسلامية"، حيث أسست هذه الفترة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والتي نشر معظم شعره في صحفها "البصائر"، و"السنة"، و"الشريعة"، و"الصراط"، إضافة إلى صحيفتي "المرصاد" و"الشباب" ل"محمد عباسة الأخضري"[7]، ومن آثاره: "حديث مع الشيخ العيد" 1970م، ومسرحية شعرية "بلال بن رباح"، وألقي القبض عليه من طرف الاستعمار الفرنسي عند قيام الثورة لكونه من رجال النهضة الفكرية، وأحد أعضاء "جمعية العلماء المسلمين"، وتوفي سنة 1979م[8].

شعره

قصيدة رعد البشائر

بباتنة رعد البشائر لعلعا      فأطرب (أوراسا) بها (والشلعلعا)

وجادت غيوث البر كل رحابها     فجادت وعادت للمبرات مرتعا

وأخصبت الآمال فيها وأينعت     كما أخصب الروض الجديب وأينعا

فلا غرو أن تزهى بعهد مبارك     لها وتهز الرأس فيه وترفعا

بمدرسة دينية عربية     أعدت لإرواء المدارك منبعا

نمت ونمى النشئ الصغير على الهدى    بها ووعى فيها من العلم ما وعى

وشبت فأمست للشباب كقلعة      محصنة فيها الشباب تمنعا

الى جامع لاذ الهداة بظله     وفاؤوا اليه قانتين وخشعا

وناد بديع لو ينادى شبابه      الى المثل العليا للبى وأسرعا

وجو عجيب ينثر الثلج ناصعا     كذوب لجين أو يرى منه أنصعا

وشمس خلال السحب تبدو وتختفي     حياء ويرجوها النبات لتسطعا

ودور لإكرام الضيوف تفتحت    وشعب الى صوت (البشير) تطلعا

فأهلا وسهلا بالبشير متوجا       بتاج تحلى بالنهى وترصعا

إمارة عرفان يسوس أمورها     أمير على دست البيان تربعا

يواليه شعب للعروبة ينتمي     ويصبو كما والى اليمانون تبعا

يبايع قلبي قبل كفي عالما     على الملك أربى قدره وترفعا

تغذى من الفصحى بمحض لبانها    وشب على آدابها وترعرعا

أدرك من فقه الشريعة سؤله     وأصل في شتى العلوم وفرعا

وسار الى الستين يحمل عبئها     وعبء المعالي ما ونى أو تزعزعا

لقد عن لي من درسه أن عقله       بفلسفة دينية قد تشبعا

أراه بها يرقى المراقي فكرة     وينزع فيها (للغزالي) منزعا

ويكشف عن صوفية سلفية     الى وردها الصافي (القشيري) ألمعا

وقد عن لي من لطفه أن قلبه    كمسك تزكى طيبة وتضوعا

أشاهد منه العطف مهما لقيته     وألمس فيه الرفق بي والرضى معا

ويرجز (كالعجاج) لي أو كرؤبة     وذاكرة في حفظ ما شئت أطوعا

فلو شئت شأو (الشنفرى) لبلغته     ولم تقتنع حتى تبز (المقنعا)

ولو شئت إحصاء لما قد حفظته     لفاخرت (حمادا) به (وابن أصمعا)

رحلت الينا فاحصا متفقدا     ضنانا وأحكمت الدواء لينجعا

فيا ليتنا نرمي الدسائس جانبا     ويا ليتنا ننفي الخسائس أجمعا

وجزت إلى (أرض النخيل) مبادرا     لها لتحل المشكلات وتدفعا

فهل نخلت أرض النخيل شؤنها    وهل شرعت مشروعها المتوقعا

رفيقك معمار عرفناه ماهرا     تفنن في دار (الحديث) وأبدعا

كأنك في استصحابه لك عارض     على نشئنا أعلى مثال ليتبعا

وما نال مجدا غير من كان دونه      تجرع مرا راضيا ما تجرعا

ولا يلحق الأحرار من لم يكن إلى      منازلهم بالصالحات تذرعا

وما الحر إلا من تيمم معهدا      ليقتبس العلم الصحيح فينفعا

وإلا من اعلولى عن النفس همة       وأعرض عن أغراضها وتورعا

وإلا من اختاض الوغى في كتيبة      ليفتح مصرا أو يلاقي مصرعا

فيا أيها الشعب الذليل أما ترى     لجارك هما بالسيادة مولعا

بنو الغرب حازوا عالم الأرض كله      وإن لهم في عالم النجم مطمعا!

فهل حزت في الأرض التي أنت نجلها      من الحكم شبرا أو من الملك إصبعا

بلادك في الدنيا تلادك فارعها     وحاذر على أكنافها أن تروعا

وأرضك في الأوطان أمك فاحبها     ببر ففي أخلافها عشت مرضعا

ودينك في الأديان كنزك فاحتفظ      به إنه ما انفك منك مضيعا

حياتك حرب للضعيف فكن بها     قويا أبيا أن تذل وتخضعا

ولم أر فيها كالمصانع عدة     فيا ويح شعب ليس يملك مصنعا

وحسن بأهل العلم ظنك إنهم     عطاش لكي تروى جياع لتشبعا

معاذ الهدى أن يستطيب أخو الهدى     خبيثا وحاشا أن يخون ويخدعا

يهددنا ريب الزمان بخطبه    ولم نك من ريب الزمان لنفجعا

سل الدهر عنا كم صمدنا لشدة     بها شن غارات علينا وشنعا

فلم نتصنع غير ما في قلوبنا     ويأبى لنا الإسلام أن نتصنعا

وبشر أخا يخشى الوعيد بما به     علمنا (جريرا) قبل بشر (مربعا)

رأينا ولم نعذل مخالف رأينا     فمن كان ذا رأي إليه تشيعا

لقد خلق الله النفوس عنيدة     وفاضل ما بين العقول ونوعا

وكيف يروم الناس للطبع وحدة    وقد جعل الله الطبائع أربعا

جزى الله عنا من سعى لصلاحنا     ومن كان عونا في الصلاح لمن سعى

لقد رضي الاسلام عن كل فاضل     (بباتنة) استدعى الضيوف فأمتعا

وعن محسن في المسلمين بداره      على العلماء المسلمين تبرعا

وعن أي حر كان من أي فرقة    أعان على نشر العلوم وشجعا

وما نحن الا امة ذات نسبة     سماوية الأسباب لن تتقطعا

وذرية للأطلس الفخم لو به     تصدت لنا ذرية ما تصدعا

اذا ما دعا (توقر) ابن أجابه     (بجرجرة) ابن ليس يخذل من دعا

وعفوا اذا عفنا القريض فلم نجب     صديقا دعانا للقريض فأسمعا

فيا أسفا يدعى الحمام عشية     ليسجع لكن لا يميل ليسجعا

ترى؟ خاف بعض الصائدين يصيبه      فيسقط مكسور الجناح مضعضعا

أم التاث من بعض الزوابع لوثة    بها لم يعد يدري الهديل المرجعا

لقد صدنا عن قالة الشعر أننا     نرى جلهم قد خاب في جل ما ادعى

وما الشعر إلا محنة طي منحة     لذا قل من بالشعر فينا تمتعا

فقد جر قدما (لامرئى القيس) حتفه    وشتت فكر (ابن الحسين) ووزعا

أعرى من الأنس (المعري) فامترى    الى أن نعى حينا على الإنس ما نعى

وعذرا اذا طال القصيد فإننا     وجدنا مجالا للتسابق أوسعا

خببنا وأوضعنا على متن ضامر     ومن دخل المضمار خب وأوضعا

وأجدر خلق الله بالفوز مؤمن    إلى الله أدى فرضه وتطوعا

ويا أيها الوفد الموفق رحلة     أراك من الجوزاء أبهج مطلعا

وأقم في حمانا باللطائف مكرما     وغادر حمانا بالقلوب مشيعا

قصيدة يا أمة الخير

حياك شهر ربيع      بكل حسن بديع

مذكرا برسول      للعالمين شفيع

مبارك حل فيه      حلول غيث بريع

أهل فيه بصوت     عذب وسمت وديع

فكان أذكى وليد     وكان أزكى رضيع

وكان خيررسول      للمشركين قريع

أسدى الينا صنيعا     ما مثله من صنيع

فجاءنا بكتاب      من الاله رفيع

ما انفك يأسر منا      فؤاد كل سميع

يا أمة الخير لبي     دعاءه وأطيعي

ولا تهيني كنوزا     صمن آيه أو تضيعي

محمد ليس يرضى     أن توصمي بشنيع

محمد ليس يرضى    أن تخلدي لوضيع

فأوى الى الله تأوي     الى الجناب المنيع

بيعي له كل غال      بجنة الخلد بيعي

وآزري حزب طه      بجهدك المستطيع

إن الشقاق فظيع        يدعو لكل فظيع

والشاة للذئب سهم      إن فرطت في القطيع

يا أمة الخير هبي     الى المتاب السريع

قومي بدينك قومي    قوية لا تميعي

فليس رخو كصلب     وظالع كظليع

كوني لطه كجند     من صحب طه شجيع

فدوا من الضيم طه     ودينه بالنجيع

أزكى رضى الله عنهم     من صارع وصريع

مجندل في الفيافي     أوملحد في البقيع

فاقفيهم تحت ضوء     من الرجاء سطيع

وتابعي هدي طه      وشايعي وأذيعي

فما له من ضريب     في هديه أو ضريع

هو المشفع فينا     يوم الحساب المريع

فلا عدمناه نورا     ورحمة للجميع

قصيدة يا معشر الطلاب

فاز المجد المعتني بمرامه    فتنافس الأمجاد في إكرامه

قد هيأت خضر الرياض طيورها    لكلامه وزهورها لسلامه

ودنت له كل المنى وأطاعه     حتى الزمان فعاد من خدامه

الله راعى صدقه في سعيه     معه فلم يحرمه من أنعامه

وهو الذي أدنى إليه مقامه      شكرا فمن ذا يزدري بمقامه

قد أدرك ابن العلم غايته التي     يصبو إليها منذ عهد فطامه

ما زال في طلب الحقائق هائما     حتى شفى منها غليل هيامه

والفوز للمقدام ضربة لازب     ما استعمل التدبير في إقدامه

يا معشر الطلاب هل من منصت     منكم لوحي الشعر في إلهامه

أسديه مني حكمة مملوءة      عظة يرددها مدى أيامه

فالقلب مثل الارض أو كأناسها     والوعظ مثل القطر أو كغمامه

العلم صرح مجادة وسعادة     ومن التعلم شيد ركن قوامه

والعلم لما تنحصر أفهامه     فتنافسوا يا قوم في أفهامه

العلم أعمال تزاول لا منى     تنوى فسيروا في هدى أعلامه

ولرب غر ظل يرقب ليله     يرجو استقاء العلم من أحلامه

وافاه وقت منامه فانسل من     برديه معتبطا بوقت منامه

وانهال والإغضاء ملء جفونه     في الفرش والاعياء ملء عظامه

فرأى المرائي معجما فيها بما     لا يعجم الملموم في إلمامه

حتى إذا طلع النهار وأشرقت     شمس النهار وحان حين قيامه

نفض الإزار وقام يخطب مسهبا      يفتن في الإعراب عن إعجامه

فخذوا بأسباب العلوم حقيقة      وذروا أخا الأوهام في أوهامه

يا معشر الطلاب هل من آخذ     بالذكر أو متمسك بعصامه

فتشرفوا بالأخذ من آدابه      وتعرفوا بحلاله وحرامه

ولكل شيء في الحياة أذية     وأذية القرآن من أقوامه

عملوا على التحذيرمن تفهيمه      فكأنهم عملوا على إعدامه

هجروا مبادئه العلى وتنكبوا     أحكامه والخير في أحكامه

زعموا بأن صوابه خطأ وفي     ما يزعمون زراية بكلامه

أسطورة إن الذي قد قالها     قمن بأن يرتاب في اسلامه

يا معشر الطلاب هل من ناهض    بالشعب حر حافظ لذمامه

أو باعث في الشعب روح إباية     منكم فموت الشعب في استسلامه

ما عاثت الذؤبان في أغنامه      لو كانت الاساد في آجامه

من منكم لابن الجزائر مدرك؟     فابن الجزائر في سياق حمامه

أسقامه شتى وأنول الأذى       من حاكميه تزيد في أسقامه

فأخو الرئاسة مولع بعذابه       وأخو السياسة مولع بخصامه

لكم اللسان الفذ في إيضاحه       رغما على الساعين في إبهامه

لا تهملوا هذا اللسان ففقدكم       في فقده ودوامكم بدوامه

فكأنما هو عقد در فائق         رصفا وعلم النحو سلك نظامه

وكفاكم في النحو قدرا أنكم      راوون علم النحو عن علامه

شهد (ابن خلدون) له بتفوق     في النحو تحظيظا على إعظامه

فارعوا (لعبد الله) ما أسدى لكم    (في القطر) واغتبطوا بحسن ختامه

الهوامش والإحالات



[1] - محمد العيد آل خليفة: ديوان محمد العيد آل خليفة، دار الهدى، عين مليلة، الجزائر، 1 جانفي 2010م، ص: 544.

[2] - بلقاسم دفة: الجملة الإنشائية في ديوان محمد العيد آل خليفة، دراسة نحوية ودلالية، كلية الآداب واللغات، قسم اللغة العربية، مخبر أبحاث في الأدب الجزائري، جامعة بسكرة، 1431هـ- 2010م، ص: 13.

[3] - محمد ناصر: الشعر الجزائري الحديث، اتجاهاته وخصائصه الفنية، 1925-1975م، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1، 1985م، ط2، 2006م، ص: 668.

[4] - بوداود وذناني: تعدد مظاهر المقاومة في شعر محمد العيد آل خليفة قبل ثورة التحرير 1954، مجلة الباحث، جامعة عمار ثليجي، الأغواط، مج: 9، ع: 3، 15 سبتمبر 2017م، ص: 12.

[5] - فاطمة صغير، فتيحة بلحاجي: مساهمة محمد العيد آل خليفة في الحفاظ على الهوية الوطنية، مجلة دراسات معاصرة، المركز الجامعي تيسمسيلت، الجزائر، الجزائر، مج: 4، ع: 2، 2 جوان 2020م، ص: 136.

[6] - لطروش الشارف: الشعر الديني عند محمد العيد آل خليفة، مجلة حوليات التراث، مستغانم، مج: 2، ع: 2، 15/12/2004م، ص: 67.

[7] - محمد العيد آل خليفة: المرجع السابق، ص: 544.

[8] - محمد ناصر: المرجع السابق، ص 668.

author-img

تاريخ الجزائر الثقافي وآدابها

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    الاسمبريد إلكترونيرسالة