JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

ترجمة الشيخ الطيب العقبي

 ترجمته

هو الطيب بن إبراهيم بن الحاج الصالح العقبي، من العلماء البارزين، ودعاة المصلحين الذين رسموا الطريق الفكري للنهضة في الجزائر، ولد سنة 1307ه ببلدية سيدي عقبة إحدى قرى الزاب الشرقي التي تبعد عن بسكرة إلى الشرق نحو 18 ميلا، وانتقل إلى الحجاز سنة 1313ه واستقر بالمدينة المنورة[1]، بعد عودته إلى الجزائر سنة 1920م استقر ببسكرة، بدأ نشاطه الإصلاحي رفقة الشاعر "محمد العيد آل خليفة" و"الأمين العمودي"، وأنشأ جريدة "الإصلاح" لنشر أفكاره الإصلاحية، داعياً إلى ضرورة قيام نهضة عربية إسلامية بعيداً عن الخرافات والشعوذة، والتمسك بتعاليم الإسلام الصحيحة انطلاقا من القرآن والسنة[2]، وفي الوقت الذي كان الشيخ يؤسس لنفسه قاعدة في بسكرة، كان ثلة من المحسنين المصلحين يؤسسون "نادي الترقي"، فكان واعظا بالنادي ومحاضراً فيه بطلب من المجلس الإداري لجمعية الترقي[3]، وشارك في الكتابة في الجرائد الإصلاحية كالبصائر، وساهم في جريدة الشهاب، وذلك بقوله: «دعتني جريدة "الشهاب" التي برزت موافقة لمشربي العلمي الديني باسم الدين والوطن إلى مناصرتها ووجدت في الوقت فراغا، وفي الزمن متسعا، لبيت دعوتها، وأجبت نداءها الذي لا أزال أعتبره صوت حق، وداعية صدق»[4]

بالإضافة إلى توليه رئاسة تحرير جرائد جمعية العلماء المسلمين ك"السنة" و"الشريعة" و"الصراط"، ومن نشاطه في ظل الجمعية إشرافه على "مدرسة الشبيبة الإسلامية"، ورئاسة "الجمعية الخيرية الإسلامية"[5]، ولعب دورا كبيرا في نجاح المؤتمر الإسلامي 1936م، وكان ضمن الوفد الذي انتقل إلى باريس وقدم تقريرا عن نتائج المؤتمر الإسلامي بتجمع شعبي بملعب العناصر رفقة "مصالي الحاج" بالعاصمة[6]، وحين أدرك الاستعمار الفرنسي في الجزائر الفزع من اليقظة التي عمت الأمة الجزائرية جراء هذه الحركة الإسلامية المباركة، تم اتهامه باغتيال عمر كحول، وتوترت علاقته مع المصلحين، وانسحب من جمعية العلماء[7]، وتوفي في 21 ماي 1960م، من أول ذي الحجة 1379ه، عن عمر 82 عاماً، كانت وفاته بالجزائر العاصمة، إثر إصابته بمرض السكري[8].

يقول العسلي

إنه من مواليد الفترة الأخيرة من القرن الماضي - التاسع عشر - أمضى في (المدينة المنورة) المرحلة الأولى من شبابه - قبل الحرب العالمية الأولى، وعاصر الثورة العربية في سنة ١٩١٦، واتهم بالمساهمة فيها من قبل الأتراك، فنفي إلى تركيا، ثم رجع إلى (مكة المكرمة) ليدير جريدة (القبلة) و (المطبعة الأميرية) في حكم الحسين بن علي شريف مكة. ولم يلبث طويلا، حتى عاد إلى وطنه الجزائر، التي استقبلته، داعيا مصلحا وشاعرا وكاتبا

وخطيبا. ولم يلبث أن أسس جريدة (الإصلاح) في بسكرة سنة ١٩٢٦، فكانت إحدى الصحف التي رفعت راية الريادة في إيقاظ النهضة الفكرية الإصلاحية، والتي قال عنها (الشيخ بشير الإبراهيمي) ما يلي(ثم أسست جريدة (الإصلاح) ببسكرة، فكان اسمها أخف وقعا، وإن كانت مقالاتها أسد مرمى، وأشد لذعا. وأسماء الجرائد كأسماء الأناسي، يظن الناس أنها وليدة الاختيار المقتضب، والشعور الطافر، وغلطوا. إنما هي وليدة شعور متمكن، وتأثر نفساني عميق، تزجيه مؤثرات قارة، وعندما التقى العلماء في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1931، كان الطيب العقبي أحد مؤسسيها الرئيسيين، ومن أبرز أقطابها العاملين. ويتحدث عنه الشيخ المدني بقوله: وكانت فصاحته تخلب الألباب، ذو صوت جهوري يؤثر على الجماهير. كما كانت لسيرته الفاضلة وسلوكه الديني النقي دورهما في التأثير على الجماهير تأثيرا عظيما ... كان العقبي عظيما، مدهشا، يخلب الألباب بسحر لسانه وبديع بيانه. فالتفت العامة حوله التفافا رائعا وساندته مساندة قوية). وعندما توجه الوفد الوطني الجزائري إلى باريس سنة 1936 برئاسة الشيخ عبد الحميد بن باديس. كان (الشيخ العقبي) في جملة أعضاء الوفد. ويصف ابن باديس موقفا من مواقف العقبي في هذه الرحلة، فيقول: فلما ترنحت السفينة على الأمواج، وهب النسيم العليل، هب العقبي الشاعر من رقدته، وأخذ يشنف أسماعنا بأشعاره، ويطربنا بنغمته الحجازية مرة، والنجدية أخرى، ويرتجل البيتين والثلاثة والأربعة في المناسبات، وهاج بالرجل شوقه إلى الحجاز،

فلو ملك قيادة الباخرة، لما سار بها إلا إلى جدة دون تعريج على أي مرسى، وإن رجلا يحمل هذا الشوق كله إلى الحجاز، ثم يكبته، ويصبر على بلاء الجزائر وويلاتها ومظالمها، لرجل ضحى في سبيل الجزائر تضحية أي تضحية.

لقد عايش الشيخ العقبي حركة الإصلاح الديني التي انطلقت من الجزيرة العربية الحركة الوهابية ويظهر أنه تأثر بها إلى حد كبير. وعندما وصل الجزائر صدمته بدعة الطرقية وانحرافاتها، فانطلق في الهجوم عليها بعنف وقوة، مستخدما موهبته الشعرية

يقول سعد الله عن جريدة الإصلاح الجزائرية

هذه الجريدة أنشأها الشيخ الطيب العقبي. وهو شخصية جربت الصحافة في جريدة (القبلة) الحجازية التي أنشأها الشريف حسين، ثم في صدى الصحراء وغيرهما. وكان العقبي قد رجع إلى الجزائر سنة ١٩٢٠ وأخذ يبث العلم والفكر الإصلاحي في نواحي بسكرة، ولكن المال والوسائل الفنية كانت تعوزه. ظهرت (الإصلاح) في بسكرة في سبتمبر ١٩٢٧. وكانت أسبوعية، ولم يصدر منها سوى بضعة أعداد ثم توقفت. حاول العقبي طبعها بتونس فوجد عراقيل في الطبع والنقل، ويذهب الشيخ المدني إلى أن الإدارة منعت طبعها بتونس، ثم سعى العقبي إلى إنشاء مطبعة لها في بسكرة ونجح في ذلك. ثم استولت مصالح أخرى على المطبعة أو أيدي الإهمال والفساد) حسب تعبير الشيخ المدني، وهو تعبير غامض، نفهم منه فقط أن العقبي قد عجز عن طبع جريدته كما نعرف من جهة أخرى أن العقبي حاول طبع الجريدة في المطبعة الإسلامية بقسنطينة فلم يحظ بالنجاح أيضا، واتهم العقبي القائمين على هذه المطبعة بعرقلته، ومنهم الشيخ أحمد بو شمال، ولمح إلى الشيخ ابن باديس أيضا. وهكذا توقفت الإصلاح. وزاد انتقال الشيخ العقبي سنة 1929 إلى العاصمة وانشغاله بدروس نادي الترقي والوعظ والإرشاد في الجامع الكبير من ابتعاده عن الصحافة.

وبعد عدة أحداث عرفتها حياة العقبي خلال الثلاثينات سواء مع الإدارة أو مع جمعية العلماء، أعاد إصدار جريدة الإصلاح سنة 1940 كان ذلك في الوقت الذي توقفت فيه الصحف المستقلة والحرة عن الصدور لأسباب ذكرناها. ورغم أنها كانت مفيدة في محتواها وتناولت موضوعات ذات صلة بالقضية الوطنية كحقوق الجزائريين وفصل الدين الإسلامي عن الإدارة الفرنسية، والإصلاحات السياسية، فإن الإصلاح كانت محل شبهة لأنها لا تنشر إلا ما ترضى عنه الرقابة الفرنسية ، ولكن الإدارة الفرنسية نفسها قد مرت بتعديلات وتطورات سيما بعد هزيمة فرنسا أمام الألمان، ونزول الحلفاء في الجزائر، وصدور البيان الجزائري، وتكوين أحباب البيان، وانتفاضة ٨ مايو، الخ. وقد استمرت الإصلاح في الصدور إلى حوالي ١٩٤٨. وكان العقبي من أبرز كتابها.

الهوامش والإحالات



[1] - محمد الصالح: شخصيات ومواقف، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1992م، ص: 319.

[2] - آسيا تميم: المرجع السابق، ص: 81.

[3] - محمد الطاهر فضلاء: الطيب العقبي رائد حركة الإصلاح الديني في الجزائر، الطباعة الشعبية للجيش، الجزائر، 2007م، ص: 52.

[4] - مراد قبال: المرجع السابق، ص: 69.

[5] - ليندة رحمانية، سعاد سواحلية: الشيخ الطيب العقبي ودوره الإصلاحي 1890 – 1960م، مذكرة ماستر في التاريخ العام، جامعة 8 ماي 1945 قالمة، ص: 39.

[6] - آسيا تميم: المرجع السابق، ص: 81.

[7] - أحمد حماني: المرجع السابق، ص: 332.

[8] - الطيب العقبي: بين سلفي وخصومه، يقولون وأقول، إعداد: أبو محمد سمير، دار الفرقان، ص: 33


author-img

تاريخ الجزائر الثقافي وآدابها

Kommentare
Keine Kommentare
Kommentar veröffentlichen
    NameE-MailNachricht