JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

عبد الكريم الفكون ترجمته ومؤلفاته

 ترجمة الفكّون:



عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القسمطيني[1] أحد أفراد عائلة الفكون، وهي من العائلات المشهورة في قسنطينة، مثلها مثل عائلات كابن باديس وآل نعمون وآل آفوناس وآل عبد المؤمن، وهو من أعلام القرن الحادي عشر، ولد عبد الكريم الفكون في قسنطينة سنة 988، وهي السنة التي توفي فيها جده عبد الكريم الفكون فسمي عليه، ومن أسلافه أبو علي حسن بن الفكون[2] الذي عاش في القرن السادس الهجري وأوائل السابع، وقد ترجم له الغبريني في "عنوان الدراية" بقوله: «الشيخ الفقيه الكاتب الأديب البارع، أبو علي حسن بن الفكون، من الأدباء الذين تستظرف أخبارهم، وتروق أشعارهم، غزير النظم والنثر، وكأنهما أنوار الزهر، رحل إلى مراكش، وامتدح خليفة بني عبد المؤمن، وكانت جائزته عنده من أحسن الجوائز»[3] 

وكانت أسرة الفكون تتمتع باحترام واسع في قسنطينة؛ لتحالفها في البداية مع العثمانيين. ورغم أن جده كان يجمع بين العلم والتصوف، فإنه قد تعامل مع السلطات العثمانية، فذهب على رأس وفد قسنطينة إلى العاصمة، ولكن حصل ما أوجب فراره مع زميله الشيخ عبد اللطيف المسبح إلى زواوة، ثم أعيد إلى العاصمة وسجن، ثم رضيت عليه الدولة وأعادته مكرما إلى العاصمة[4].

وأصبحت أسرة الفكون منذئذ في خدمة الدين والدولة، فيها مشيخة الإسلام وإمارة الحج، وكان لها امتيازات اقتصادية ومعنوية لا حصر لها. وبعد وفاة الجد تولى ابنه محمد جميع وظائف والده من إمامة وخطابة بالجامع الكبير في قسنطينة. وكان محمد الفكون، كما يقول عنه ابنه، فقيها ومتصوفا أيضا، يقوم الليل ويدرس العلم. ومن المعلوم أن محمدا أبا عبد الكريم قد توفي أثناء منصرفه من الحاج في مكان بين مصر والحجاز يقال له "المويلح"، وهذا ما يشير إليه العياشي في رحلته بقوله:« وكان نزولنا بالمويلح يوم الجمعة الثالث عشر من شوال، وهو الموفى عشرين ومن (يُنْيُه) من الشهور العجيمة، والله يجعل العاقبة خيرا. وعلى شاطئ البحر قرب منزل الركب، على مرقب قبر (سيدي محمد) والد الشيخ (عبد الكريم الفكون القسمطيني)، وعليه بناء وقد زرناه وتبركنا به وأقمنا هناك يومين»[5].

وكما تولى الأب وظائف الجد؛ فإن الابن هو الآخر قد ورث الوظائف نفسها، وأضاف إليها إمارة ركب الحج، وهذه الوظيفة الأخيرة تضمن لصاحبها وعائلته امتيازات معنوية واقتصادية كثيرة، وقد كان لعائلة الفكون زاوية يلتجئ إليها كل طالب للعلم، من داخل قسنطينة ومن خارجها، وقد تلقى الفكون تعليمه بمسقط رأسه قسنطينة إذ لم تذكر المصادر أنه غادرها لطلب العلم، «فقد كانت قسنطينة في نهاية القرن العاشر(16) تعيش على تراث عمر الوزان[6] وعبد الكريم الفكون (الجد)، وعبد الرحمن الأخضري[7] ويحيى الأوراسي[8]. فكان تلاميذ هؤلاء هم الذين يرأسون حلقات الدرس في مساجدها... وكان التلاميذ يأتون إلى تلك المساجد من نواحي عديدة خاصة من زواوة والغرب (الجزائر) والأوراس ونقاوس»[9].

يقول أبو راس: «ولمّا دخلت قسمطينة، نزلت على محطّ رحال الأفاضل، ومنبع الفضائل ... أولي النّهى والرّسوخ، منهم القطب الكبير، الغوث الشّهير، السّيّد عبد الكريم الفكّون، وعبد الكريم هذا قال الشّيخ أحمد بابا: هو تلميذ من ازدهى به الزّمان وزان، الشّيخ أبي عبد الله الوزّان، والذي في نفح الطّيب ما نصّه: عالم قسمطينة وصالحها وكبيرها ومفتيها، سلالة العلماء الجماهير وارث المجد كابر [كذا] عن كابر الشّيخ عبد الكريم الفكّون»[10]

مؤلّفاته

أمّا عن تآليفه، فقد ترك الفكّون مجموعة من المؤلّفات، المختلفة حجماً وموضوعات، منها المجلّدات، ومنها التّقييدات أو الكرّاسات، لكنّ أغلبها غير معروف إلّا ما ورد عنه في منشور الهداية، أو ما ذكرته المصادر الأخرى، ولعلّ أشهر مؤلّفاته: (منشور الهداية في كشف حال من ادّعى العلم والولاية)، الذي ألّفه بعد سنة 1045ه، و(محدّد السّنان في نحور إخوان الدّخان)، انتهى منه سنة 1025ه، و(تقييد) ذكر فيه مرضه الذي دام ثلاث سنوات (1025 -1028ه)، ونظم أسماه (شافية الأمراض لمن التجأ إلى الله بلا اعتراض) أو (العدّة في عقب الفرج بعد الشّدّة) أوّله:

بك اللهم مبدي الخلق طرا توسّلي    وفي كلّ أزماني عليك معولي

ومن المؤلّفات التي أشار إليها الفكّون في كتابه (منشور الهداية): مجموعة خطب – (تقييد) في كرامات الشّيخ الوزّان – (تقييد في مسألة حبس) – (نظم الدّرر على شرح المختصر) – (سربال الرّدّة في جعل السّبعين لرواة الإقراء عدّة) – كما أنّه وعد أبا العبّاس المقّريّ[11] - في مراسلة بينهما - بوضح شرح على كتاب (إضاءة الدّجنّة في عقائد أهل الملّة) في علم الكلام.

يقول الأزهري: «وله تآليف منها نظم الشيخ المكودي[12] في علم التصريف، وهو مجلد أجاد فيه كل الإجادة، وأحسن كل الإحسان، وأعطى البحث والنقل فيه حقهما، ولم يهمل شيئا مما يقتضيه لفظ المشروح ومعناه إلا تكلم عليه وأجاد، كما هو شانه في تأليفه، وكتاب "محدّد السّنان في نحر إخوان الدّخان" ... وقال منها: أنّ الدّخان تنفر منه طبائع الحيوان البهيميّ كالنّحل، فكيف بأعقل الحيوانات. وله شرح على شواهد الشّريف على الجروميّة، وشرح الجمل للمجراد، وكتاب في حوادث فقراء الوقت، وغير ذلك. توفي عام ثلاث وسبعين وألف رحمه الله»[13]

وقد سرد العيّاشي، وهو تلميذ (للفكّون)، وقد لازمه ولازم ابنه محمّدا من بعده، بل وذكر قصائد من ديوانه في المديح النّبويّ، بعض هذه المؤلّفات في قوله: «سيدي عبد الكريم الفكّون؛ بفتح الفاء وضمّ الكاف المشدّدة، أخذ عن والده، وعن أبي زكريّاء يحيى بن سليمان الأوراسيّ[14] شرح نظم المكوديّ في التّصريف، وشرح شواهد الشّريف على الجروميّة، والتزم عقب كلّ شاهد ذكر حديث مناسب للشّاهد، وشرح جمل المجراد، وشرح مخارج الحروف من الشاطبيّة، وكتاب في حوادث فقراء الوقت»[15]

الهوامش والإحالات



[1] - منقول بتصرف عن سعد الله أبي القاسم : تاريخ الجزائر الثقافي ج1 ص: 519. ينظر ترجمته في: الإفراني : صفوة من انتشر من صلحاء القرن الحادي عشر: 251، الأزهري. اليواقيت الثمينة: 232، معجم أعلام الجزائر:254. الجيلالي، تاريخ الجزائر العام:3/149. سعد الله: عبد الكريم الفكون داعية السلفية. دار الغرب الإسلامي، 1986.

[2] - هو صاحب الرحلة المشهورة من قسنطينة إلى مراكش، والتي كتبها نظما، وقد أوردها العبدري كاملة في رحلته (ينظر رحلة العبدري ت ابراهيم كردي ص97-98-99). كما ذكرها غيره مثل المقري في نفح الطيب والمراكشي في الإعلام ومطلعها:

ألا قل للسري ابن السري            أبي البدر الجواد الأريحي

[3] - الغبريني، أبو العباس، عنوان الدراية، ص 334.

[4] - القصة في منشور الهداية: ص:48.

[5] - العياشي، الرحلة، 1/286.

[6] - عمر الوزان أول من ترجم له الفكون في منشور الهداية، إذ يقول عنه: «فلنبدأ من أهله بشيخ الزمان، وياقوتة العصر والأوان، العالم العارف بالله الرباني أبي حفص عمر الوزان نفعنا الله به وبأمثاله...ويقال إنه دعوة الشيخ الصالح القطب الغوث أبي العباس أحمد زروق». منشور الهداية. ص: 35.  سنذكر سبب التسمية في الصفحات الموالية إن شاء الله تعالى.

[7] - عبد الرحمن الأخضري، ولد في بنطيوس من قرى نواحي بسكرة، تذكر بعض الروايات أنه أخذ العلم على الشيخ الوزان بقسنطينة، وعلى مشائخ الزيتونة، تعريف الخلف: 1/63،

[8] - عن يحيى بن سليمان الأوراسي وثورته ينظر، منشور الهداية ص 54.

[9] - سعد الله، أبو القاسم، شيخ الإسلام، عبد الكريم الفكون، داعية السّلفيّة، عالم المعرفة، الجزائر، 2011، ص: 58.

[10] - الجزائري، محمد أبو راس، فتح الإله ومنته في التحدث بفضل ربي ونعمته، ت: محمد بن عبد الكريم، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، ص 98.

[11] - جرت بين الفكّون والمقّري مراسلات – رغم أنّها لا تثبت التقاء الرّجلين –  يقول المقري في نفح الطّيب: «ومنها كتاب وافاني من علم قسمطينة وصالحها وكبيرها ومفتيها، سلالة العلماء الأكابر، ووارث المجد كابرا عن كابر، المؤلف العلامة، سيدي الشيخ عبد الكريم الفكون - حفظه الله» (نفح الطّيب، 2/480).

[12] - أبو زيد عبد الرّحمن بن عليّ بن صالح المكوديّ الفاسي المالكيّ، نسبته إلى بني مكّود إحدى قبائل هوّارة الذين مستقرّهم فيما بين فاس وتازة، نحويّ صرفيّ، لغويّ، درّس كتاب سيبويه بمدرسة العطّارين، من كتبه شرح الألفيّة، شرح الآجرومية، شرح المقصور والممدود، والبسط والتّعريف في علم التّصريف، توفي في 11 شعبان سنة 807ه بقاس، وقيل سنة 801، (السّخاوي، الضّوء اللّامع، 4/97 – السّيوطيّ، بغية الوعاة، ص: 300 – كنون، النّبوغ المغربي، 1/210)

[13] - الأزهري، اليواقيت الثمينة في أعيان مذهب عالم المدينة، مصر، ص 232 – 233.

[14] - من أصحاب الفكون الجد، كان مشاركا في العلوم، وصل إلى درجة الفتوى بالجزائر ، ينظر ترجمته في: منشور الهداية، ص 54-55.

[15] - العياشي، الرحلة، 2/282.

author-img

تاريخ الجزائر الثقافي وآدابها

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    الاسمبريد إلكترونيرسالة